ثقافة

إنهم قادمون مثل يوم القيامة

#بالحبر _السري

#علي_الدلالي

قامت الدولة العبرية منذ إعلانها عام 1948 على الحروب في إطار مخطط أمريكي غربي روسي مسكوت عنه للتخلص من اليهود في الغرب، توافق عليه الجميع بما في ذلك الحركة الصهيونية، على حساب الشعب الفلسطيني.
كانت أولى الحروب عام 1948، أو ما يُعرف بحرب النكبة بعد انتهاء الانتداب البريطاني، وكان من نتائجها سيطرة عصابات الهجانة ومنظمة شتيرن الإرهابية، نواة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ثم جيش الإحتلال نفسه بالقوة على الأراضي التي خصصتها الأمم المتحدة للدولة العبرية وفق قرار التقسيم وزادت عليها حوالي 60 في المائة من الأراضي التي خُصصت للدولة الفلسطينية، وتهجير 750 ألف فلسطيني من بيوتهم ومزارعهم، باتوا يُعرفون فيما بعد بـ “اللاجئين الفلسطينيين”، واستقدمت العصابات الإرهابية والمنظمة الصهيونية في المقابل أكثر من مليون يهودي غالبيتهم من الدول الأوروبية.
جاءت الثانية، حرب 1956، التي خططت لها إسرائيل وجرت إليها بريطانيا وفرنسا ضد مصر، وتُعرف بحرب العدوان الثلاثي في مصر، وحرب السويس في الغرب، وعملية (قادش) كما تسميها إسرائيل. توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في بدايتها في عمق سيناء وصولا إلى قناة السويس لإيهام العالم بأن القناة مهددة، غير أن تهديد الاتحاد السوفييتي السابق ورفض أمريكا لها لتحجيم دور بريطانيا وفرنسا وإبعادهما عن مصادر النفط، أجبر الجميع على التراجع بما في ذلك قوات الإحتلال الإسرائيلي. وبالفعل مثلت تلك الحرب نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى في العالم، بحسب المؤرخين.
أما حرب 1967، وهي الثالثة، التي وصفها الإعلام العربي المُطبل بالنكسة لحفظ ماء الوجه، وكانت في الواقع هزيمة مكتملة الأركان، وأدت إلى مقتل ما بين 20 إلى 25 ألف من العرب وحوالي 800 من اليهود وتدمير 80 في المائة من العتاد الحربي العربي، و5 في المائة من العتاد الحربي الإسرائيلي، وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس ومحافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة ناهيك عن محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان الصهيوني في القدس الشرقية والضفة الغربية، المستمر إلى اليوم، واحتلال شبه جزيرة سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة.
كانت حرب العاشر من رمضان، كما تسميها مصر، وحرب تشرين، في سوريا، ويوم الغفران في إسرائيل، عام 1973، رابع الحروب العربية الإسرائيلية، ورغم أنها سجلت إنجازات ملموسة في بدايتها حيث عبرت القوات المصرية قناة السويس وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. غير أنه في نهاية الحرب تمكن جيش الاحتلال من تحقيق بعض الإنجازات، فتمكن، على الجبهة المصرية من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر إلى الضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس، وتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى. وانتهت حرب (تشرين) عند الكيلو 101 وقادت إلى كامب ديفيد وخروج مصر من حالة الحرب مع إسرائيل بتوقيع معاهدة سلام مع الدولة العبرية عام 1979 بعد زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى الكينيست الصهيوني عام 1977.
اليوم تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي تساندها الولايات المتحدة “راعية المحرقة في غزة”، والدول الغربية عموما، حربا من نوع آخر لا تتحكم إسرائيل، لأول مرة بخلاف حروبها السابقة مع الجيوش النظامية العربية، في إدارتها وفي وقتها، وهي تدخل شهرها الثاني، بعد أن حشدت لها معظم قواتها النظامية و300 ألف من قوات الإحتياط تدعمهم حاملتا طائرات أمريكيتان وغواصة نووية و2000 جندي من نخبة مشاة البحرية الأمريكية على الأرض.
وتروج إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة من خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة للقضاء على حركة حماس، لتضليل الرأي العام الدولي، وهي تُدرك دون شك أن حماس ليست بيتا أو مستشفى يتم قصفه بالقنابل المحرمة دولية بل إنها فكر مقاوم للاحتلال والفكر لا يمكن القضاء عليه ولا يمكن أن يموت.
هزيمة حماس وفصائل #المقاومة_ الفلسطينية، وهم بضعة آلاف من الرجال، واردة جدا في مواجهة جيش إسرائيلي إرهابي نازي عنصري، لا يقيم أي اعتبار للقانون الدولي ولا للقانون الإنساني. لكن الذين يقاتلون اليوم في غزة هم أحفاد الذين قتلتهم وهجرتهم قوات الاحتلال عام 1948 واحتلت بيوتهم وأرضهم وقد قرأوا عن الاحتلال في الكتب والأدب المحكي. وعلى إسرائيل أن تُدرك وتخشى وتسأل ماذا ستفعل غدا مع أطفال غزة، الذين قتلت منهم حتى اليوم أكثر من أربعة آلاف طفل، الذين عاشوا المحرقة في غزة ورأوا بأعينهم البيوت تهدم على رؤوس آبائهم وأمهاتهم وأخواتهم وإخوانهم، ومستشفياتهم ومدارسهم وكنائسهم ومساجدهم تدمر وتحرق، ويُمنع عنهم الماء والأكل والدواء والكهرباء والوقود؟
إن هؤلاء الأطفال سيخلقون ألف حماس وسيطورون طرقا لمقاومة الاحتلال حتى هزيمته ودحره … إنهم قادمون … إنهم مثل يوم القيامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى